فصل: ابن أم البنين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء **


 أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني

رحلا إلى المشرق في دولة الناصر في سنة ثلاثين وثلثمائة وأقام نالك عشرة أعوام ودخلا بغداد وقرأا فيها على ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابئ كتب جالينوس عرضاً وخدما ابن وصيف في عمل علل العين وانصرفا إلى الأندلس في دولة المستنصر باللّه وذلك في سنة إحدى وخمسين وثلثمائة وغزوا معه غزواته إلى سنة اثنتين وانصرفا وألحقهما في خدمته بالطب واسكنهما مدينة الزهراء واستخلصها لنفسه دون غيرهما ممن كان في ذلك الوقت من الأطباء ومات عمر بعلة المعدة ورمت له فلحقه ذبول من أجلها ومات وبقي أحمد مستخلصاً وأسكنه المستنصر في قصره بمدينة الزهراء وكان لطيف المحل عنده أميناً مؤتمناً يطلعه على العيال والكرائم وكان رجلاً حليماً صحيح العقل عالماً بما شاهد علاجه ورآه عياناً بالمشرق وتوجه عند المستنصر باللّه لأن المستنصر كان نهماً في الأكل وكان يحدث له في أكله تخمة لكثرة ما كان يتناول من الأكل وكان صنع له الجوارشنات الجادة العجيبة وكان وافقه في ذلك موافقة وأفاد مالاً عظيماً وكان ألكن اللسان رديء الخط لا يقيم هجاء حروف كتابه وكان بصيراً بالأدوية المفردة وصانعاً للأشربة والمعجونات ومعالجاً لما وقف عليه‏.‏

قال ابن جلجل ورأيت له اثني عشر صبياً صقالبة طباخين للأشربة صنّاعين للمعجونات ما بين يديه وكان قد استأذن أمير المؤمنين المستنصر أن يعطي منها ما احتاج من المساكين والمرضى فأباح له ذلك وكان يداوي العين مداواة نفيسة وله بقرطبة آثار في ذلك وكان يواسي بعلمه صديقه وجاره والمساكين والضعفاء وولاه هشام المؤيد باللّه خطة الشرطة وخطة السوق ومات بحمى الربع وعلة الإسهال وخلف عما قيمته أزيد من مائة ألف دينار

 اسحاق الطبيب

والد الوزير ابن إسحاق مسيحي النحلة وكان مقيماً بقرطبة وكان صانعاً بيده مجرباً يحكى له منافع عظيمة وآثار عجيبة وتحنك فاق به جميع أهل دهره وكان في أيام الأمير عبد اللّه الأموي‏.‏

 يحيى بن إسحاق

كان طبيباً ذكياً عالماً بصيراً بالعلاج صانعاً بيده وكان في صدر دولة عبد الرحمن الناصر لدين اللّه واستوزره وولي الولايات والعمالات وكان قائد بطليوس زماناً وكان له من أمير المؤمنين الناصر محل كبير كان ينزله منزلة الثقة ويتطلع على الكرائم والخدم وألف في الطب كتاباً يشتمل على خمسة أسفار ذهب فيها مذهب الروم وكان يحيى قد أسلم وأما أبوه إسحاق فكان نصرانياً كما تقدم ذكره قال ابن جلجل حدثني عن يحيى بن إسحاق ثقة أنه كان عنده غلام للحاجب موسى أو للوزير عبد الملك قال قال بعثني إليه مولاي بكتاب فأنا قاعد عند داره بباب الجوز إذ أقبل رجل بدوي على حمار وهو يصيح فأقبل حتى وقف بباب الدار فجعل يتضرع ويقول أدركوني وتكلموا إلى الوزير بخبري إذ خرج إلى صراخ الرجل ومعه جواب كتابه فقال للرجل ما بالك يا هذا فقال له أيها الوزير ورم في إحليلي منعني البول منذ أيام كثيرة وأنا في الموت فقال له اكشف عنه قال فكشف عنه فإذا هو وارم فقال لرجل كان أقبل مع العليل اطلب لي حجراً أملس فطلبه فوجده وأتاه به فقال ضعه في كفك وضع عليه الإحليل قال فقال المخبر لي فلما تمكن إحليل الرجل من الحجر جمع الوزير يده وضرب على الإحليل ضربة غشي على الرجل منها ثم اندفع الصديد يجري فما استوفى الرجل جري صديد الورم حتى فتح عينيه ثم بال البول في أثر ذلك فقال له اذهب فقد برئت من علتك وأنت رجل عائث واقعت بهيمة في دبرها فصادفت شعيرة من علفها لحجت في عين الإحليل فورم لها وقد خرجت في الصديد فقال له الرجل قد فعلت هذا وأقر بذلك وهذا يدل على حدس صحيح وقريحة صادقة حسناء‏.‏

وقال ابن جلجل وله نادر محفوظ في علاج الناصر قال عرض للناصر وجع في أذنه والوزير يومئذ قائد بطليوس فعولج منه فل يفتر فأمر الناصر في الخروج فيه فرانقا فلما وصل إليه الفرانق استنطقه عن الحاجة التي أوجبت الخروج فيه فقال له أمير المؤمنين عرض له في أذنه وجع أعيا الأطباء فعرج في طريقه إلى أديار النصارى وسأل عن عالم هناك فوجد رجلاً مسناً فسأله هل عندك من تجربة لوجع الأذن فقال الشيخ الراهب دم الحمار حاراً فوصل إلى أمير المؤمنين وعالجه بدم الحمار حاراً كما يسفح وبراً وهذا بحث واستقصاء ودؤوب على التعليم وليحيى بن إسحاق من الكتب كتاب كبير في الطب‏.‏

 سليمان أبو بكر بن تاج

كان في دولة الناصر وخدمه بالطب وكان طبيباً نبيلاً وعالج أمير المؤمنين الناصر من رمد عرض له من يومه بشيافه وطلب منه نسخته بعد ذلك فأبى أن يمليها وعالج سععاً صاحب البريد من ضيق النفس بلعوق فبرأ من يومه بعد أن أعيا علاجه الأطباء وكان يعالج وجع الخاصرة بحب من حبه فيبرأ الوقت وكان ضنيناً بنسخ الأدوية وله نوادر في الطب كثيرة وكان أديباً فاضلاً حسن المحاضرة والمذاكرة وأدركه في آخر أيامه مرض القروح في أحليله فلم يمكنه دواؤه وعرّفه اللّه القادر عجزه فقطع إحليله وولاّه أمير المؤمنين الناصر قضاء شذونة‏.‏

 ابن أم البنين

سمي بالأعرف وكان من أهل مدينة قرطبة وخدم أمير المؤمنين الناصر بصناعة الطب وكان ينادمه وكانت معه فطنة في الطب وله نوادر أنذر بها وكان معجباً بنفسه وكان الناصر ربما استثقله لذلك وربما اضطر إليه لجودة فطنته

 سعيد بن عبد ربه

هو أبو عثمان سعيد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن محمد بن سالم مولى الأمير هشام الرضي بن عبد الرحمن الداخل بالأندلس وهو ابن أخي أبي عمرو وأحمد بن محمد بن عبد ربه الشاعر صاحب كتاب العقد وكانت وفاة عمه هذا أحمد بن محمد بن عبد ربه في شهر جمادى الأولى من سنة ثمان وعشرين ومولده في سنة ست وأربعين ومائتين لعشر خلون من شهر رمضان وكان سعيد ابن عبد ربه طبيباً فاضلاً وشاعراً محسناً وله في الطب رجز جليل محتو على جملة حسنة منه دل به على تمكنه من العلم وتحققه لمذاهب القدماء وكان له مع ذلك بصر بحركات الكواكب وطبائعها ومهاب الرياح وتغير الأهوية وكان مذهبه في مداواة الحميات أن يخلط بالمبردات شيئاً من وله في ذلك مذهب جميل ولم يخدم بالطب سلطاناً وكان بصيراً بتقدمة المعرفة وتغيير الأهوية ومهب الرياح وحركة الكواكب قال ابن جلجل حدثني عنه سليمان بن أيوب الفقيه قال قال اعتللت بحمة فطاولتني وأشرفت منها إذ مر بأبي وهو ناهض إلى صاحب المدينة أحمد بن عيسى فقام إليه وقضى واجب حقه بالسلام عليه وسأله عن علتي واستخبر أبي عما عولجت به فسفه علاج من عالجني وبعث إلى أبي بثمان عشرة حبة من حبوب مدورة وأمر أن أشرب منها كل يوم حبة فما استوعبتها حتى أقلعت الحمى وبرئت برأ تاماً وعمي سعيد في آخر أيامه ومن شعر سعيد بن عبد ربه أنه افتصد يوماً فبعث إلى عمه أحمد بن محمد بن عبد ربه الشاعر الأديب راغباً إليه في أن يحضر عنده مؤانساً له فلم يجبه عمه إلى ذلك وأبطأ عنه فكتب إليه لما عدمت مؤانساً وجليساً نادمت بقراطاً وجالينوسا وجعلت كتبهما شفاء تفردي وهما الشفاء لكل جرح يوسا ووجدت علمها إذا حصلته يذكي ويحيى للجسوم نفوسا فلما وصل الشعر إلى عمه جاوبه بأبيات منها ألفيت بقراطاً وجالينوسا لا يأكلان ويرزآن جليسا فجعلتهم دون الأقارب جنة ورضيت منهم صاحبا وأنيسا وقال سعيد بن عبد ربه أيضاً في آخر عمره وكان جميل المذهب منقبضاً عن الملوك أمن بعد غوصي في علوم الحقائق وطول ابنساطي في مواهب خالقي وفي حين إشرافي على ملكوته أرى طالباً رزقاً إلى غير رازقي وأيام عُمر المرء متعة ساعة تجيء حثيثاً مثل لمحة بارق وقد أذنت نفسي بتقويض رحلها وأسرع في سوقي إلى الموت سائقي وإني وإن أوغلت أو سرت هارباً من الموت في الآفاق فالموت لاحقي ولسعيد بن عبد ربه من الكتب كتاب الأقراباذين تعاليق ومجربات في الطب أرجوزة في الطب‏.‏

 عمر بن حفص بن برتق

كان طبيباً فاضلاً قارئاً للقرآن مطرب الصوت وكان له رحلة إلى القيروان إلى أبي جعفر بن الجزار لزمه ستة أشهر لا غير وهو أدخل إلى الأندلس كتاب زاد المسافر ونبل بالأندلس وخدم بالطب الناصر وكان نجم بن طرفة البيازرة قد استخلصه لنفسه وقام به وأغناه وشاركه في كل دنياه ولم يطل عمره‏.‏

كان متقدماً في صناعة الطب وخدم بها الناصر وألف له حب الأنيسون وكان شيخاً وسيماً بهياً سريا معظماً عند الرؤساء‏.‏

 محمد بن تمليح

كان رجلاً ذا وقار وسكينة ومعرفة بالطب والنحو واللغة والرواية وخدم الناصر بصناعة الطب وكان المقيم برئاسته أحمد بن إلياس القائد وولاه الناصر خطبة الردّ وقضاء شذونة وله في الطب تأليف حسن الأشكال وأدرك صدراً من دولة الحكم المستنصر باللّه وكان حظياً عنده وخدمه بصناعة الطب قال القاضي صاعد وولاه النظر في بنيان الزيادة من قبلي الجامع بقرطبة فتولى ذلك وكملت تحت إشرافه وأمانته ورأيت اسمه مكتوباً بالذهب وقطع الفسيفساء على حائط المحراب بها وإن ذلك البنيان كمل على يديه عن أمر الخليفة الحكم في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة ولمحمد بن تمليح من الكتب كتاب في الطب‏.‏

 أبو الوليد بن الكتاني

هو أبو الوليد محمد بن الحسين المعروف بابن الكتاني كان عالماً بهياً سرياً حلو اللسان محبوباً من العامة والخاصة لسخائه بعلمه ومواساته بنفسه ولم يكن يرغب في المال ولا جمعه وكان لطيف

 أبو عبد اللّه بن الكتاني

هو أبو عبد اللّه محمد بن الحسين المعروف بابن الكتاني كان أخذ الطب عن عمه محمد بن الحسين وطبقته وخدم به المنصور بن أبي عامر وابنه المظفر ثم انتقل في صدر الفتنة إلى مدينة سرقسطة واستوطنها وكان بصيراً بالطب متقدماً فيه ذا حظ من المنطق والنجوم وكثير من علوم الفلسفة قال القاضي صاعد أخبرني عنه الوزير أبو المطرف 7عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكبير بن وافد اللخمي إنه كان دقيق الذهن ذكي الخاطر جيد الفهم حسن التوحيد والتسبيح وكان ذا ثروة وغنى واسع وتوفي قريباً من سنة عشرين وأربعمائة وهو قد قارب ثمانين سنة قال وقرأت في بعض تآليفه أنه أخذ صناعة المنطق عن محمد بن عبدون الجبلي وعمر بن يونس بن أحمد الحراني وأحمد بن حفصون الفيلسوف وأبي عبد اللّه محمد بن إبراهيم القاضي النحوي وأبي عبد اللّه محمد بن مسعود البجائي ومحمد بن ميمون المعروف بمركوس وأبي القاسم فيد بن نجم وسعيد بن فتحون السرقسطي المعروف بالحمار وأبي الحرث الأسقف تلميذ ربيع بن زيد الأسقف الفيلسوف وأبي مرين البجائي ومسلمة بن أحمد المرحيطي‏.‏

كان طبيباً عالماً جيد القريحة حسن الفطنة دقيق النظر بصيراً بالمنطق مشرفاً على كثير من علوم الفلسفة وكان متصلاً بالحاجب جعفر الصقلبي ومستولياً على خاصته فأوصله بالحكم المستنصر باللّه وخدمه بالطب إلى أن توفي جعفر فأسقط حينئذ من ديوان الأطباء وبقي مخمولاً إلى أن توفي ومات بعلة الإسهال‏.‏

 أبو بكر أحمد بن جابر

كان شيخاً فاضلاً في الطب حليماً عفيفاً وخدم المستنصر باللّه بالطب وأدرك صدراً من دولة المؤيد وكان أولاد الناصر جميعهم يعتمدون على تعظيمه وتبجيله ومعرفة حقه وكان وجيهاً عندهم مؤتمناً وكذلك عند الرؤساء وكان أديباً فهماً وكتب بخطه كتباً كثيرة في الطب والمجامع والفلسفة وعمر زماناً طويلاً‏.‏

 أبو عبد اللّه الملك الثقفي

كان طبيباً أديباً عالماً بكتاب إقليدس وبصناعة المساحة وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب وكان أعرج وله في الطب نوادر وولاه المستنصر أو الناصر خزانة السلاح وعمي في آخر عمره بماء نزل في عينيه ومات بعلة الاستسقاء كان من شيوخ الأطباء وأخيارهم مؤتمناً مشهوراً بأعمال اليد وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب‏.‏

 محمد بن عبدون الجبلي العذري

رحل إلى المشرق سنة سبع وأربعين وثلثمائة ودخل البصرة ولم يدخل بغداد وأتى مدينة فسطاط مصر ودبر مارستانها ومهر بالطب ونبل فيه وأحكم كثيراً من أصوله وعانى صناعة المنطق عناية صحيحة وكان شيخه فيها أبو سليمان محمد بن طارهر بن بهرا السجستاني البغدادي ورجع إلى الأندلس سنة ستين وثلثمائة وخدم بالطب المستنصر باللّه والمؤيد باللّه وكان قبل أن يتطبب مؤدباً بالحساب والهندسة وله في التكسير كتاب حسن قال القاضي صاعد وأخبرني أبو عثمان سعيد بن محمد بن البعوض الطليطلي أنه لم يلق في قرطبة أيام طلبه فيها من يلحق بمحمد بن عبدون الجبلي في صناعة الطب ولا يجاريه في ضبطها وحسن دربته فيها وأحكامه لغوامضها‏.‏

ولمحمد بن عبدون من الكتب كتاب في التكسير

 عبد الرحمن بن إسحاق بن الهيثم

من أعيان أطباء الأندلس وفضلائها وكان من أهل قرطبة وله من الكتب كتاب الكمال والتمام في الأدوية المسهلة والمقيئة كتاب الاقتصار والإيجاد في خطأ ابن الجزار في الاعتماد كتاب الاكتفاء بالدواء من خواص الأشياء صنفه للحاجب القائد أبي عامر محمد بن أبي عامر كتاب السمائم‏.‏

 ابن جلجل

هو أبو داود بن حسان يعرف بابن جلجل وكان طبيباً فاضلاً خبيراً بالمعالجات جيد التصرف في صناعة الطب وكان في أيام هشام المؤيد باللّه وخدمه بالطب وله بصيرة واعتناء بقوى الأدوية المفردة وقد فسر أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس العين زربي وأفصح عن مكنونها وأوضح مستغلق مضمونها وهو يقول في أول كتابه هذا إن كتاب ديسقوريدس ترجم بمدينة السلام في الدولة العباسية في أيام جعفر المتوكل وكان المترجم له اصطفن بن بسيل الترجمان من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي وتصفح ذلك حنين بن إسحاق المترجم فصحح الترجمه وأجازها فما علم اصطفن من تلك الأسماء اليونانية في وقته له اسماً في اللسان العربي فسره بالعربية وما لم يعلم له في اللسان العربي اسماً تركه في الكتاب على اسمه اليوناني اتكالاً منه على أن يبعث اللّه بعده من يعرف ذلك ويفسره باللسان العربي إذ التسمية لا تكون بالتواطؤ من أهل كل بلد على أعيان الأدوية بما رأوا وأن يسموا ذلك إما باشتقاق وإما بغير ذلك من تواطئهم في التسمية فاتكل اصطفن على شخوص يأتون بعده ممن قد عرف أعيان الأدوية التي لم يعرف هو لها اسماً في وقته فيسميها على قدر ما سمع في ذلك الوقت فيخرج إلى المعرفة‏.‏

قال ابن جلجل وورد هذا الكتاب إلى الأندلس وهو على ترجمة اصطفن منه ما عرف له اسماً بالعربية ومنه ما لم يعرف له اسماً فانتفع الناس بالمعروف منه بالمشرق والأندلس إلى أيام الناصر عبد الرحمن بن محمد وهو يومئذ صاحب الأندلس فكاتبه أرمانيوس الملك مالك قسطنطينية في سنة سبع وثلاثين وثلثمائة وهاداه بهدايا لها قدر عظيم فكان في جملة هديته كتاب دسقوريدس مصور الحشائش بالتصوير الرومي العجيب وكان الكتاب مكتوباً بالإغريقي الذي هو اليوناني وبعث معه كتاب هروسيس صاحب القصص وهو تاريخ للروم عجيب فيه أخبار الدهور وقصص الملوك الأول وفوائد عظيمة وكتب أرمانيوس في كتابه إلى الناصر أن كتاب دسقوريدس لا تجتنى فائدتة إلا برجل يحسن العبارة باللسان اليوناني ويعرف أشخاص تلك الأدوية فإن كان في بلدك من يحسن ذلك فزت أيها الملك بفائدة الكتاب وأما كتاب هروسيس فعندك في بلدك من اللطينيين من يقرأه باللسان اللطيني وأن كشفتهم عنه نقلوه لك من اللطيني إلى اللسان العربي‏.‏

قال ابن جلجل ولم يكن يومئذ بقرطبة من نصارى الأندلس من يقرأ اللسان الإغريقي الذي هو اليوناني القديم فبقي كتاب ديسقوريدس في خزانة عبد الرحمن الناصر باللسان الإغريقي ولم يترجم إلى اللسان العربي وبقي الكتاب بالأندلس والذي بين أيدي الناس بترجمة اسطفن الواردة من مدينة السلام بغداد‏.‏

فلما جاوب الناصر أرمانيوس الملك سأله أن يبعث إليه برجل يتكلم بالإغريقي واللطيني ليعلم له عبيداً يكونون مترجمين فبعث أرمانيوس الملك الناصر براهب كان يسمى نقولا فوصل إلى قرطبة سنة أربعين وثلثمائة وكان يومئذ من الأطباء قوم لهم بحث وتفتيش وحرص على استخراج ما جهل من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس إلى العربية وكان أبحثه وأحرصهم على ذلك من جهة التقرب إلى الملك عبد الرحمن الناصر حسداي بن بشروط الإسرائيلي وكان نقولا الراهب عنده أحظى الناس وأخصهم به وفسر من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس ما كان مجهولاً وهو أول من عمل بقرطبة ترياق الفاروق على تصحيح الشجارية التي فيه وكان في ذلك الوقت من الأطباء الباحثين عن تصحيح أسماء عقاقير الكتاب وتعيين أشخاصه محمد المعروف بالشجار ورجل كان يعرف بالبسباسي وأبو عثمان الجزار الملقب باليابسة ومحمد بن سعيد الطيب وعبد الرحمن بن إسحاق بن هيثم وأبو عبد اللّه الصقلي وكان يتكلم باليونانية ويعرف قال ابن جلجل وكان هؤلاء النفر كلهم في زمان واحد مع نقولا الراهب أدركته وأدركت نقولا الراهب في أيام المستنصر وصحبتهم في أيام المستنصر الحكم وفي صدر دولته مات نقولا الراهب فصح ببحث هؤلاء النفر الباحثين عن أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس تصحيح الوقوف على أشخاصها بمدينة قرطبة خاصة بناحية الأندلس ما أزال الشك فيها عن القلوب وأوجب المعرفة بها بالوقوف على أشخاصها وتصحيح النطق بأسمائها بلا تصحيف إلا القليل منها الذي لا بال به ولا خطر له وذلك يكون في مثل عشرة أدوية‏.‏

قال وكان لي في معرفة تصحيح هيولى الطب الذي هو أصل الأدوية المركبة حرص شديد وبحث عظيم حتى وهبني اللّه من ذلك بفضله بقدر ما اطلع عليه من نيتي في إحياء ما خفتُ يُدرس وتذهب منفعته لأبدان الناس فاللّه قد خلق الشفاء وبثه فيما انبتته الأرض واستقر عليها من الحيوان المشاء والسابح في الماء والمنساب وما يكون تحت الأرض في جوفها من المعدنية كل ذلك فيه شفاء ورحمة ورفق ابن البغونشولابن جلجل من الكتب كتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس ألفه في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة بمدينة قرطبة في دولة هشام بن الحكم المؤيد باللّه مقالة في ذكر الأدوية التي لم يذكرها ديسقوريدس في كتابه مما يستعمل في صناعة الطب وينتفع به وما لا يستعمل لكيلا يغفل ذكره وقال ابن جلجل إن ديسقوريدس أغفل ذلك ولم يذكره إما لأنه لم يره ولم يشاهده عياناً وإما لأن ذلك كان غير مستعمل في دهره وأبناء جنسه رسالة التبيين فيم غلط فيه بعض المتطبيين كتاب يتضمن ذكر شيء من أخبار الأطباء والفلاسفة ألفه في أيام المؤيد باللّه‏.‏

 أبو العرب يوسف بن محمد

أحد المتحققين بصناعة الطب والراسخين في علمه قال القاضي صاعد حدثني الوزير أبو المطرف بن وافد وأبو عثمان سعيد بن محمد بن البغونش إنه كان محكماً لأصول الطب نافذاً في فروعه حسن التصرف في أنواعه قال وسمعت غيرهما يقول لم يكن أحد بعد محمد بن عبدون يوازي أبو العرب في قيامه بصناعة الطب ونفوذه فيها وكان غلب عليه في آخر عمره حب الخمر فكان لا يوجد صاحياً ولا يرى مفيقاً من خمار وحرم بذلك الناس كثيراً من الانتفاع به وبعلمه وتوفي وقد قارب تسعين سنة وذلك بعد ثلاثين وأربعمائة‏.‏

ابن البغونش هو أبو عثمان سعيد بن محمد بن البغونش قال القاضي صاعد كان من أهل طليطلة ثم رحل إلى قرطبة لطلب العلم بها فأخذ عن مسلمة بن أحمد علم العدد والهندسة وعن محمد بن عبدون الجبلي وسليمان بن جلجل وابن الشناعة ونظرائهم علم الطب ثم انصرف إلى طليطلة واتصل بها بأميرها الظافر اسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عامر بن مطرف بن ذي النون وحظي عنده وكان أحد مديري دولته قال ولقيته أنا فيها بعد ذلك في صدر دولة المأمون ذي المجد بن يحيى بن الظافر اسماعيل بن ذي النون وقد ترك قراءة العلوم وأقبل على قراءة القرآن ولزم داره والانقباض عن الناس فلقيت منه رجلاً عاقلاً جميل الذكر والمذهب حسن السيرة نظيف الثياب ذا كتب جليلة في أنواع الفلسفة وضروب الحكمة وتبينت منه أنه قرأ الهندسة وفهمها وقرأ المنطق وضبط كثيراً منه ثم أعرض عن ذلك وتشاغل بكتب جالينوس وجمعها وتناولها بتصحيحه ومعاناته فحصل بتلك العناية على فهم كثير منها ولم تكن له دربة بعلاج المرضى ولا طبيعة نافذة في فهم الأمراض وتوفي عند صلاة الصبح من يوم الثلاثاء أول يوم من رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة وأخبرني أنه ولد سنة تسع وستين وثلثمائة فكان إذ توفي ابن خمس وسبعين سنة‏.‏

 ابن وافد

هو الوزير أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكبير بن يحيى بن وافد بن مهند اللخمي أحد أشراف أهل الأندلس وذوي السلف الصالح منهم والسابقة القديمة فيهم عني عناية بالغة بقراءة كتب جالينوس وتفهمها ومطالعة كتب أرسطوطاليس وغيره من الفلاسفة قال القاضي صاعد وتمهر بعلم الأدوية المفردة حتى ضبط منها ما لم يضبطه أحد في عصره وألف فيها كتاباً جليلاً لا نظير له جمع فيه ما تضمن كتاب ديسقوريدس وكتاب جالينوس المؤلفان في الأدوية المفردة ورتبه أحسن ترتيب قال وأخبرني أنه عانى جمعه وحاول ترتيبه وتصحيح ما ضمنه من أسماء الأدوية وصفاتها وأودعه إياه من تفصيل قواها وتحديد درجاتها نحواً من عشرين سنة حتى كمل موافقاً لغرضه وتم مطابقاً لبغيته وله في الطب منزع لطيف ومذهب نبيل وذلك أنه كان لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية أو ما كان قريباً منها فإذا دعت الضرورة إلى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبها ما وصل إلى التداوي بمفردها فإن اضطر إلى المركب منها لم يكثر التركيب بل اقتصر على الأقل ما يمكنه منه وله نوادر محفوظة وغرائب مشهورة في الإبراء من العلل الصعبة والأمراض المخوفة بأيسر العلاج وأقربه واستوطن مدينة طليطلة وكان في أيام ابن ذي النون ومولد ابن وافد في ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وثلثمائة وكان في الحياة في سنة ستين وأربعمائة‏.‏

ولابن وافد من الكتب كتاب الأدوية المفردة كتاب الوساد في الطب مجربات في الطب كتاب تدقيق النظر في علل حاسة البصر كتاب المغيث‏.‏

 الرميلي

وكان بالمرية في أيام ابن معن المعروف بابن صمادح ويلقب بالمعتصم باللّه وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم بن اليسع في كتاب المغرب عن محاسن أهل المغرب إن الرميلي صحبه توفيق يساعده ويصعده ويقيم له الجاه ويقعده مع دربة جرى بها فأدرك وقياس حركة للمحاورة فتحرك فأصبح يقتدى بنسخه ويتنافس في مستصرخه ويتوسل إليه برئاسة نفس لا ترضى بدَنيّة ولا تعامل إلا بالحرية وربما عالج في بعض أوقاته المستورين بماله أدوية وأغذية فأحبه البعيد والقريب وأصبح ما له إلا حميم أو حبيب حتى أودت به الأيام فاقدة إحسان نادبة مكانه وللرميلي من الكتب كتاب البستان في الطب

 ابن الذهبي

هو أبو محمد عبد اللّه بن محمد الأزدي ويعرف بابن الذهبي أحد المعتنين بصناعة الطب ومطالعة كتب الفلاسفة وكان كلفاً بصناعة الكيمياء مجتهداً في طلبها وتوفي ببلنسية في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربعمائة ولابن الذهبي من الكتب مقالة في أن الماء لا يغذو

 ابن النباش

هو أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن حامد البجائي ويعرف بابن النباش معتن بصناعة الطب مواظب لعلاج المرضى ذو معرفة جيدة بالعلم الطبيعي وله أيضاً نظر ومشاركة في سائر العلوم الحكمية وكان مقيماً بجهة مرسية

 أبو جعفر بن خميس الطليطلي

قرأ كتب جالينوس على مراتبها وتناول صناعة الطب من طرقها وكانت له رغبة كثيرة في معرفة العلم الرياضي والاشتغال به أبو الحسن عبد الرحمن بن خلف بن عساكر الدارمي اعتنى بكتب جالينوس عناية صحيحة وقرأ كثيراً منها على أبي عثمان سعيد بن محمد بن بغونش واشتغل أيضاً بصناعة الهندسة والمنطق وغير ذلك وكانت له عبارة بالغة وطبع فاضل في المعاناة ومنزع حسن في العلاة وله تصرف في دروب من الأعمال اللطيفة والصناعات الدقيقة‏.‏

 ابن الخياط

هو أبو بكر يحيى بن أحمد ويعرف بابن الخياط كان أحد تلاميذ أبي القاسم مسلمة بن أحمد المرحيطي في علم العدد والهندسة ثم مال إلى أحكام النجوم وبرع فيها واشتهر بعلمها وخدم بها سليمان بن حكم بن الناصر لدين اللّه في زمن الفتنة وغيره من الأمراء وآخر من خدم بذلك الأمير المأمون يحيى بن إسماعيل بن ذي النون وكان مع ذلك معتنياً بصناعة الطب دقيق العلاج حصيفاً حليماً دمثاً حسن السيرة كريم المذهب وتوفي بطليطلة سنة سبع وأربعين وأربعمائة وقد قارب ثمانين سنة منجم بن الفوال يهودي من سكان سرقسطة وكان متقدماً في صناعة الطب متصرفاً مع ذلك في علم المنطق وسائر علوم الفلسفة‏.‏

ولمنجم بن الفوال من الكتب كتاب كنز المقل على طريق المسألة والجواب وضمنه جملاً من قوانين المنطق وأصول الطبيعة‏.‏

 مروان بن جناج

كان أيضاً يهودياً وله عناية بصناعة المنطق والتوسع في علم لسان العرب واليهود ومعرفة جيدة بصناعة الطب وله من الكتب كتاب التلخيص وقد ضمنه ترجمة الأدوية المفردة وتحديد

 إسحاق بن قسطار

كان أيضاً يهودياً وخدم الموفق مجاهداً العامري وابنه إقبال الدولة عليا وكان إسحاق بصيراً بأصول الطب مشاركاً في علم المنطق مشرفاً على آراء الفلاسفة وكان وافر العقل جميل الأخلاق وله تقدم في علم العبرانية بارعاً في فقه اليهود حبراً من أحبارهم ولم يتخذ قط امرأة وتوفي بطليطلة سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وله من العمر خمس وسبعون سنة‏.‏

 حسداي بن إسحاق

معتن بصناعة الطب وخدم الحكم بن عبد الرحمن الناصر لدين اللّه وكان حسداي بن إسحاق من أحبار اليهود متقدماً في علم شريعتهم وهو أول من فتح لأهل الأندلس منهم باب علمهم من الفقه والتاريخ وغير ذلك وكانوا قبل يضطرون في فقه دينهم وسني تاريخهم ومواقيت أعيادهم إلى يهود بغداد فيستجلبون من عندهم حساب عدة من السنين يتعرفون به مداخل تاريخ ومبادئ سنيهم فلما اتصل حسداي بالحكم ونال عنده نهاية الحظوة توصل به إلى استجلاب ما شاء من تآليف اليهود بالمشرق فعلم حينئذ يهود الأندلس ما كانوا قبل يجهلونه واستغنوا عما كانوا يتجشمون الكلفة فيه‏.‏

من ساكني مدينة سرقسطة ومن بيت شرف اليهود بالأندلس من ولد موسى النبي عليه السلام عني بالعلوم على مراتبها وتناول المعارف من طرقها فأحكم علم لسان العرب ونال حظاً جزيلاً من صناعة الشعر والبلاغة وبرع في علم العدد والهندسة وعلم النجوم وفهم صنعاة الموسيقى وحاول عملها وأتقن علم المنطق وتمرن بطرق البحث والنظر واشتغل أيضاً بالعلم الطبيعي وكان له نظر في الطب وكان في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في الحياة وهو في سن الشبيبة‏.‏

 أبو جعفر يوسف بن أحمد بن حسداي

من الفضلاء في صناعة الطب وله عناية بالغة في الاطلاع على كتب ابقراط وجالينوس وفهمها وكان قد سافر من الأندلس إلى الديار المصرية واشتهر ذكره بها وتميز في أيام الآمر بأحكام اللّه من الخلفاء المصريين وكان خصيصاً بالمأمون وهو أبو عبد اللّه محمد بن نور الدولة أبي شجاع الآمري في مدة أيام دولته وتدبيره للملك وكانت مدته في ذلك ثلاث سنين وتسعة أشهر لأن الآمر كان قد استوزر المأمون في الخامس من ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة وقبض عليه ليلة السبت الرابع من شهر رمضان سنة تسع عشرة وخمسمائة وصلب بظاهر القاهرة وكان المأمون في أيام وزارته له همة عالية ورغبة في العلوم فكان قد أمر يوسف بن حسداي أن يشرح له كتب أبقراط إذ كانت أجل كتب هذه الصناعة وأعظمها جدوى وأكثرها غموضاً وكان ابن حسداي قد شرع في ذلك ووجدت له منه شرح كتاب الإيمان لأبقراط وقد أجاد في شرحه لهذا الكتاب واستقصى ذكر معانية وتبيينها على أتم ما يكون وأحسنه ووجدت له أيضاً شرح بعض كتاب الفصول لأبقراط وكان بينه وبين أبي بكر محمد بن يحيى المعروف بابن باجة صداقة فكان أبداً يراسله من القاهرة‏.‏

وكان يوسف بن أحمد بن حسداي مدمناً للشراب وعنده دعابة ونوادر وبلغني أنه لما أتى من الإسكندرية إلى القاهرة كان هو وبعض الصوفية قد اصطحبا في الطريق فكانا يتحادثان وأنس كل واحد منهما إلى الآخر ولما وصلا إلى القاهرة قال له الصوفي أنت أين تنزل في القاهرة حتى أكون أراك فقال ما كان في خاطري أن أنزل إلا حانة الخمار وأشرب فإن كنت توافق وتأتي إلي فرأيك فصعب قوله على الصوفي وأنكر هذا الفعل ومشى إلى الخانكاه ولما كان في بعض الأيام بعد مديدة وابن حسداي في السوق وإذا يجمع من الناس وفي وسطهم صوفي يعزر وقد اشتهر أمره بأنه وجد سكران ولما قرب إلى الموضع الذي فيه ابن حسداي ونظر إليه وجده ذلك الصوفي بعينه فقال يا للّه قتلك النامس‏.‏

وليوسف بن أحمد بن حسداي من الكتب الشرح المأموني لكتاب الإيمان لأبقراط المعروف بعهده إلى الأطباء صنفه للمأمون أبي عبد اللّه محمد الأمري شرح المقالة الأولى من كتاب الفصول لأبقراط تعاليق وجدت بخطه كتبها عند وروده على الإسكندرية من الأندلس فوائد مستخرجة استخرجها وهذبها من شرح علي بن رضوان لكتاب جالينوس إلى اغلوقن من القول على أول الصناعة الصغيرة لجالينوس كتاب الإجمال في المنطق شرح كتاب الإجمال‏.‏

 ابن سمجون

وهو أبو بكر حامد بن سمجون فاضل في صناعة الطب متميز في قوى الأدوية المفردة وأفعالها متقن لما يجب من معرفتها وكتابه في الأدوية المفردة مشهور بالجودة وقد بالغ فيه وأجهد نفسه في تأليفه واسوتفى فيه كثيراً من آراء المتقدمين في الأدوية المفردة وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم بن اليسع في كتاب المغرب عن محاسن أهل المغرب أن ابن سمجون ألف كتابه هذا في أيام المنصور الحاجب محمد ابن أبي عامر أقول وكانت وفاة محمد بن أبي عامر في سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة ولابن سمجون من الكتب كتاب الأدوية المفردة كتاب الأقراباذين‏.‏

 البكري

هو أبو عبيد اللّه بن عبد العزيز البكري من مرسية من أعيان أهل الأندلس وأكابرهم فاضل في معرفة الأدوية المفردة وقواها ومنافعها وأسمائها ونعوتها وما يتعلق بها وله من الكتب كتاب أعيان النبات والشجريات الأندلسية‏.‏

 الغافقي

هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن السيد الغافقي إمام فاضل وحكيم عالم ويعد من الأكابر في الأندلس وكان أعرف أهل زمانه بقوى الأدوية المفردة ومنافعها وخواصها وأعيانها ومعرفة أسمائها وكتابه في الأدوية المفردة لا نظير له في الجودة ولا شبيه له في معناه قد استقصى فيه ما ذكره ديسقوريدس والفاضل جالينوس بأوجز لفظ وأتم معنى ثم ذكر بعد قوليهما ما تجدد للمتأخرين من الكلام في الأدوية المفردة أو ما ألم به واحد واحد منهم وعرفه فيما بعد فجاء كتابه جامعاً لما قاله الأفاضل في الأدوية المفردة ودستوراً يرجع إليه فيما يحتاج إلى تصحيحه منها وللغافقي من الكتب كتاب الأدوية‏.‏

 الشريف محمد بن محمد الحسني

هو أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن عبد اللّه بن إدريس الحسني ويلقب بالعالي باللّه كان فاضلاً

 خلف بن عباس

الزهرواي كان طبيباً فاضلاً خبيراً بالأدوية المفردة والمركبة جيد العلاج وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب وأفضلها كتابه الكبير المعروف بالزهراوي ولخلف بن عباس الزهراوي من الكتب كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف وهو أكبر تصانيفه وأشهرها وهو كتاب تام في معناه‏.‏

 ابن بكلارش

كان يهودياً من أكابر علماء الأندلس في صناعة الطب وله خبرة واعتناء بالغ بالأدوية المفردة وخدم بصناعة الطب بن هود ولابن بكلارش من الكتب كتاب المجدولة في الأدوية المفردة وضعه مجدولاً وألفه بمدينة المرية للمستعين باللّه أبي جعفر بن المؤتمن باللّه بن هود‏.‏

 أبو الصلت

أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت هو من بلد دانية من شرق الأندلس وهو من أكابر الفضلاء في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم وله التصانيف المشهورة والمآثر المذكورة قد بلغ في صناعة الطب مبلغاً لم يصل إليه غيره من الأطباء وحصل من معرفة الأدب ما لم يدركه كثير من سائر الأدباء وكان أوحد في العلم الرياضي متقناً لعلم الموسيقى وعمله جيد اللعب بالعود وكان لطيف النادرة فصيح اللسان جيد المعاني ولشعره رونق وأتى أبو الصلت من الأندلس إلى ديار مصر وأقام بالقاهرة مدة ثم عاد بعد ذلك إلى الأندلس وكان دخول أبي الصلت إلى مصر في حدود سنة عشر وخمسمائة ولما كان في الإسكندرية حبس بها‏.‏

وحدثني الشيخ سديد الدين المنطقي في القاهرة سنة اثنين وثلاثين وستمائة أن أبا الصلت أمية بن عبد العزيز كان سبب حبسه في الإسكندرية أن مركباً كان قد وصل إليها وهو موقر بالنحاس فغرق قريباً منها ولم تكن لهم حيلة تخليصه لطول المسافة في عمق البحر ففكر أبو الصلت في أمره وأجال النظر في هذا المعنى حتى تلخص له فيه رأي واجتمع بالأفضل بن أمير الجيوش ملك الإسكندرية وأوجده أنه قادر أن تهيأ له جميع ما يحتاج إليه من الآلات أن يرفع المركب من قعر البحر ويجعله على وجه الماء مع ما فيه من الثقل فتعجب من قوله وفرح به وسأله أن يفعل ذلك ثم آتاه على جميع ما يطلبه من الآلات وغرم عليها جملة من المال ولما تهيأت وضعها في مركب عظيم على موازاة المركب الذي قد غرق وأرسى إليه حبالاً مبرومة من الإبريسم وأمر قوماً لهم خبرة في البحر أن يغوصوا ويوثقوا ربط الحبال بالمركب الغارق وكان قد صنع آلات بأشكال هندسية لرفع الأثقال في المركب الذي هم فيه وأمر الجماعة بما يفعلونه في تلك الآلات ولم يزل شأنهم ذلك والحبال الإبريسم ترتفع إليهم أولاً فأولاً وتنطوي على دواليب بين أيديهم حتى بان لهم المركب الذي كان قد غرق وارتفع إلى قريب من سطح الماء ثم عند ذلك انقطعت الحبال الإبريسم وهبط المركب راجعاً إلى قعر البحر ولقد تلطف أبو الصلت جداً فيما صنعه وفي التحيل إلى رفع المركب إلا أن القدر لم يساعده وحنق عليه الملك لما غرمه من الآلات وكونها مرت ضائعة وأمر بحبسه وأن يستوجب ذلك وبقي في الاعتقال مدة إلى أن شفع فيه بعض الأعيان وأطلق وكان ذلك في خلافة الآمر بأحكام اللّه ووزارة الملك الأفضل بن أمير الجيوش‏.‏

ونقلت من رسائل الشيخ أبي اقاسم علي بن سليمان المعروف بابن الصيرفي في ما هذا مثاله قال وردتني رقعة من الشيخ أبي الصلت وكان معتقلاً وفي آخرها نسخة قصيدتين خدم بهما المجلس الأفضلي أول الأولى منهما الشمس دونك في المحل والطيب ذكرك بل أجل وأول الثانية نسخت غرائب مدحك التشبيبا وكفى بها غزلاً لنا ونسيبا فكتبت إليه وردتني مولاي فأخذت في تقبيلها وارتشافها قبل التأمل لمحاسنها واستشفافها حتى كأني ظفرت بيد مصدرها وتمكنت من أنامل كاتبها ومسطرها ووقفت على ما تضمنته من الفضل الباهر وما أودعتها من الجواهر التي قذف بها فيض الخاطر فرأيت ما قيد فكري وطرفي وجل عن مقابلة تقريظي ووصفي وجعلت أجدد تلاوتها مستفيداً وأرددها مبتدئاً فيها ومعيداً نكرر طوراً من قراة فصوله فإن نحن أتممنا قراءته عدنا إذا ما نشرناه فكالمسك نشره ونطويه لا طي السآمة بل ضنا فأما ما اشتملت عليه من الرضا بحكم الدهر ضروره وكون ما اتفق له عارض بتحقق ذهابه ومروره ثقة بعواطف السلطان خلد اللّه أيامه ومراحه وسكوناً إلى ما جبلت النفوس عليه من معرفة فواضله ومكارمه فهذا قول مثله ممن طهر اللّه نيته وحفظ دينه ونزه عن الشكوك ضميره ويقينه ووفقه بلطفه لاعتقاد الخير واستشعاره وصانه عما يؤدي إلى عاب الإثم وعاره لا يؤيسنك من تفرج كربة خطب رماك به الزمان الأنكد صبراً فإن اليوم يتبعه غد ويد الخلافة لا تطاولها يد وأما ما أشار إليه من أن الذي مني به تمحيص أوزار سبقت وتنقيص ذنوب اتفقت فقد حاشاه اللّه من الدنايا وبرأه من الآثام والخطايا بل ذاك اختبار لتوكله وثقته وابتلاء لصبره وسريرته كما يبتلى المؤمنون الاتقياء ويمتحن الصالحون والأولياء واللّه تعالى يدبره بحسن تدبيره ويقضي له بما الحظ في تسهيله وتيسيره بكرمه وقد اجتمعت بفلان فأعلمني أنه تحت وعد أداه الاجتهاد إلى تحصيله وإحرازه ووثق من المكارم الفائضة بالوفاء به وإنجازه وأنه ينتظر فرصة في التذكار ينتهزها ويغتنمها ويرتقب فرجة للخطاب يتولجها ويقتحمها واللّه تعالى يعينه على ما يضمر من ذلك وينويه ويوفقه فيما يحاوله ويبغيه‏.‏

وأما القصيدتان اللتان أتحفني بهما فما عرفت أحسن منهما مطلعاً ولا أجود منصرفاً ومقطعاً ولا أملك للقلوب والأسماع ولا أجمع للإغراب والإبداع ولا أكمل في فصاحة الألفاظ وتمكن القوافي ولا أكثر تناسباً على كثرة ما في الأشعار من التباين والتنافي ووجدتهما تزدادان حسناً على التكرير والترديد وتفاءلت فيهما بترتيب قصيدة الاطلاق بعد قصيدة التقييد واللّه عزّ وجلّ يحقق رجائي في ذلك وأملي ويقرب ما أتوقعه فمعظم السعادة فيه لي إن شاء اللّه‏.‏

أقول وكانت وفاة أبي الصلت رحمه اللّه يوم الاثنين مستهل محرم سنة تسع وعشرين وخمسمائة بالمهدية ودفن في المنستير وقال عند موته أبياتاً وأمر أن تنقش على قبره وهي سكنتك يا دار الفناء مصدقاً بأني إلى دار البقاء أصير وأعظم ما في الأمر أني صائر إلى عادل في الحكم ليس يجور فإن أك مجزياً بذنبي فإنني بشر عقاب المذنبين جدير وإن يك عفو ثم عني ورحمة فثم نعيم دائم وسرور ولما كان أبو الصلت أمية بن عبد العزيز قد توجه إلى الأندلس قال ظافر الحداد الإسكندري وأنفذها إلى المهدية إلى الشيخ أبي الصلت من مصر يذكر شوقه إليه وأيام اجتماعهما بالإسكندرية ألا هل لدائي من فراقك افراق هو السم لكن في لقائك درياق فيا شمس فضل غربت ولضوئها على كل قطر بالمشارق إشراق سقى العهد عهداً منك عمر عهده بقلبي عهد لا يضيع وميثاق يجدده ذكر يطيب كما شدت وريقاء كنتها من الأيك أوراق لك الخلق الجزل الرفيع طرازه وأكثر أخلاق الخليفة أخلاق لقد ضاءلتني يا أبا الصلت مذ نأت ديارك عن داري هموم وأشواق إذا عزني اطفاؤها بمدامعي جرت ولها ما بين جفني إحراق سحائب يحدرها زفير تجره خلال التراقي والترائب تشهاق إلى أن أبان البين أن غراره غرور وإن الكنز فقر وإملاق أخي سيدي مولاي دعوة من صفا وليس له من رق ودك إعتاق لئن بعدت ما بيننا شقة النوى ومطرد طامي الغوارب خفاق وبِيد إذا كلفتها العيس قصرت طلائح أنضاها ذميل وأعناق فعندي لك الود الملازم مثل ما يلازم أعناق الحمائم أطواق ألا هل لايامي بك الغر عودة كنهدي وثغر الثغر أشنب براق ليالي يدنينا جواب أعادنا من القرب كالصنوين ضمهما ساق وما بيننا من حسن حظك روضة بها حسدت منا المسامع أحداق حديث حديث كلما طال موجز مفيد إلى قلب المحدث سباق يزجيه بحر من علومك زاخر له كل بحر فائض اللج رقراق معان كأطواد الشوامخ جزلة تضمنها عذب من اللفظ غيداق به حِكَمٌ مستنبطات غرائب لأبكارها الغر الفلاسف عشاق كتبت وآفات البحار تردها فإن لم يكن رد علي فإغراق بحار بأحكام الرياح فإنها مفاتيح في أبوابهن وأغلاق ومن لي أن أحظى إليك بنظرة فيسكن مقلاك ويرقا مهراق ومن شعر أبي الصلت أمية بن عبد العزيز قال يمدح أبا الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ويذكر وصول ملك الروم بالهدايا راغباً في ترك الغزو وذلك في سنة خمس وخمسمائة يهاديك من لو شئت كان هو المهدى وإلا فضمنه المثقفة الملدا وكل سريجي إذا ابتز غمده تعوض من هام الكماة له غمدا تخير فرداً في ظبا الهند شأنه إذا شيم يوم الروع أن يزوج الفردا ظبا ألفت غلب الرقاب وصالها كما ألفت منهن أغمادها الصدا وتركت بقسطنطينة رب ملكها وللرعب ما أخفاه منه وما أبدى سددت عليه مغرب الشمس بالظبا فود حذارا منك لو جاوز السدا وبالرغم منه ما أطاعك مبدياً لك الحب في هذي الرسائل والودا لأنك إن أوعدته أو وعدته وفيت ولم تخلف وعيداً ولا وعدا فدتك ملوك الأرض أبعدها مدى وأرفعها قدراً وأقدمها مجدا إذا كلفوا بالطرف ادعج ساجياً كلفت بحب الطرف عبل الشوى نهدا وكل أضاة أحكم القين نسجها فضاعف في أثنائها الحلق السردا وأسمر عسال وأبيض صارم يعنق ذا قداً ويلثم ذا خدا محاسن لو أن الليالي حُليت بأيسرها لابيض منهن ما اسودا فَمُرْ بالذي تختاره الدهر يمتثل لأمرك حكماً لا يطيق لها ردا وقال أيضاً ورفعها إلى الأفضل يذكر يتجريده العساكر إلى الشام لمحاربة الفرنج بعد انهزام عسكره في الموضع المعروف بالبصه وكان قد اتفق في أثناء ذلك التاريخ أن قوماً من الأجناد وغيرهم أرادوا الفتك به فوقع على خبرهم فقبض عليهم وقتلهم هي العزائم من أ نصارها القدر وهي الكتائب من أشياعها الظفر جردت للدين والأسياف مغمدة سيفاً تفل به الأحداث والغير وفمت إذ قعد الأملاك كلهم تذب عنه وتحميه وتنتصر بالبيض تسقط فوق البيض أنجمهم والسمر تحت ظلال النقع تشتجر يغشى بها غمرات الموت أسد شرى من الكماة إذا ما استنجدوا ابتدروا مستلئمين إذا سلوا سيوفهم شبهتها خلجاً مدت بها غدر قوم تصول ببيض الهند إذرعهم فما يضر ظباها أنها بتر إذا انتضوها وذيل النقع فوقهم كالشمس طالعة والليل معتكر ترتاح أنفسه نحو الوغى طرباً كأنما الدم راح والظبا زهر وإن هم نكصوا يوماً فلا عجب قد يكهم السيف وهو الصارم الذكر العود أحمد الأيام ضامنة عقبى النجاح ووعد اللّه ينتظر وربما ساءت الأقدار ثم جرى بما يسرك ساعات لها أخر اللّه زان بك الأيام من ملك لك الحجول من الأيام والغرر للّه بأسك والألباب طائشة والخيل تردى ونار الحرب تستعر وللعجاج على صم القنا طلل هي الدخان وأطراف القنا شرر إذ يرجع السيف بيدي خده علقاً كصفحة البكر أدمى خدها الخفر الله في الدين والدنيا فما لهما سواك كهف ولا ركن ولا وزر ورام كيدك أقوام وما علموا أن المنى خطرات بعضها خطر هيهات أين من العيوق طالبه وكان سدد منه الفكر والنظر أن الأسود لتأبى أن يروعها وسط العرين ظباء الربرب العفر أمر نووه ولو هموا به وقفوا كوقفة العير لا ورد ولا صدر ما كل حين ترى الأملاك صافحة عن الجرائر تعفو حين تقتدر ومن ذوي البغي من لا يستهان به وفي الذنوب ذنوب ليس تغتفر إن الرماح غصون يستظل بها وما لهن سوى هام العدى ثمر وليس يصبح شمل الملك منتظماً إلا بحيث ترى الهامات تنتثر والرأي رأيك فيما أنت فاعله وأنت أدرى بما تأت وما تذر أضحى شهنشاه غيثاً للندى غدقاً كل البلاد إلى سقياه تفتقر الطاعن الألف إلا أنها نسق والواهب الألف إلا أنها بِدر ولا بصرت بشمس قبل غرته إذا تجلى سناها أغدق المطر يا أيها الملك السامي الذي ابتهجت به الليالي وقر البدو والحضر جاءتك من كلم الحاكي محبرة تطوي لبهجتها الإبراد والحبر هي اللآلئ إلا أن ناظمها طي الضمير ومن غواصها الفكر تبقى وتذهب أشعار ملفقة أولى بقائلها من قوله الحصر ولم أطلها لأني جد معترف بأن كل مطيل فيه مختصر بقيت للدين والدنيا ولا عدمت أجياد تلك المعالي هذه الدرر وقال أيضاً ومهفهف شركت محاسن وجهه ما مجه في الكاس من إبريقه ففعالها من مقلتيه ولونها من وجنتيه وطعمها من ريقه وقال أيضاً يصف الثريا رأيت الثريا لها حالتان منظرها فيهما معجب لها عند مشرقها صورة يريك مخالفها المغرب للّه يومي ببركة الحبش والأفق بين الضياء والغبش والنيل تحت الرياح مضطرب كالسيف سلته كف مرتعش ونحن في روضة مفوفة دبج بالنور عطفها ووشي قد نسجتها يد الربيع لنا فنحن من نسجها على فرش وأثقل الناس كلهم رجل دعاه داعي الصبا فلم يطش فعاطني الراح أن تاركها من سورة الهم غير منتعش واسقني بالكبار مترعة فتلك أروى لشدة العطش وقال أيضاً عجبت من طرفك في ضعفه كيف يصيد البطل الأصيدا يفعل فينا وهو في جفنه ما يفعل السيف إذا جردا وقال أيضاً حجبت مسامعه عن العذال فأبى فليس عن الغرام بسالي ويح المتيم لا يزال معذباً بخفوق برق أو طروق خيال نشوان من خمرين خمر زجاجة عبثت بمقلته وخمر دلال كالريم إلا أن هذا عاطل أبدا وذا في كل حال حالي لا يستفيق وهل يفيق بحاله من رق فيه سلافة الجريال عَلِمَ العدو بما لقيت فرق لي ورأى الحسود بليتي فرثى لي يا من برى الجسم بطول صدوده ألا سمحت ولو بوعد وصال قد كنت أطمع منك لو عاقبتني بصدور عتب لا صدود ملال وقال يصف فرساً أشهب وأشهب كالشهاب أضحى يجول في مذهب الجلال قال حسودي وقد رآه يجنب خلفي إلى القتال من ألجم الصبح بالثريا وأسرج البرق بالهلال وقال أيضا تقريب ذي الأمر لأهل النهى فضل ما ساس به أمره هذا به أولى وما ضره تقريب أهل اللهو في الندرة بي من بني الأصفر ريم رمى قلبي بسهم الحور الصائب سهم من اللحظ رمتني به عن كثب قوس من الحاجب كأنما مقلتيه في الحشا سيف علي بن أبي طالب وقال أيضاً يا موقداً بالهجر في أضلعي ناراً بغير الوصل ما تنطفي إن لم يكن وصل فعدني به رضيت بالوعد وأن لم تف وقال أيضاً وليت وردت إليك الأمور ولم أك منتظراً أن تلي وها أنا بين عدا كلهم عليَّ فكن بابي أنت لي ذكرت نواهم لدي قربهم فجدت بأدمعي الهمع فكيف أكون إذا هم نأوا وهذا بكائي إذ هم معي وقال أيضاً إذا ألفيت حراً ذا وفاء وكيف به فدونك فاغتنمه أقول وقد شطت به غربة النوى وللحب سلطان على مهجتي فظ لئن بان عني من كلفت بحبه وشط فما للعين من شخصه حظ فإن له في أسود القلب منزلاً تكنفه فيه الرعاية والحفظ أراه بعين الوهم والوهم مدرك معاني شتى ليس يدركها اللحظ وقال أيضاً وراغب في العلوم مجتهد لكنه في القبول جلمود فهو كذي عنة به شبق أو مشتهي الأكل وهو ممعود وقال أيضاً تفكر في نقصان مالك دائماً وتغفل عن نقصان جسمك والعمر ويثنيك خوف الفقر عن كل بغية وخوفك حال الفقر من أعظم الفقر ألم تر أن الدهر جم صروفه وأن ليس من شيء يدوم على الدهر فكم فرحة فيه أزيلت بترحة وكم حال عسر فيه آلت إلى اليسر وقال في البراغيث أحب خلق لأذى مخلوق يرى دمي أشهى من الرحيق يغب فيه غير مستفيق لا يترك الصبوح للغبوق لو بت فوق قمة العيوق ما عاقه ذلك عن طروقي كعاشق أسرى إلى معشوق أعلم من بقراط بالعروق من أكحل منها وباسليق يفصدها بمبضع دقيق من خطمة المذرب الذليق فصد الطبيب الحاذق الرقيق وقال أيضاً مارست دهري وجربت الأنام فلم أحمدهم قط في جد ولا لعب وكم تمنيت أن ألقى به أحداً يسلي من الهم أو يعدي على النوب فما وجدت سوى قوم إذا صدقوا كانت مواعيدهم كالآل في الكذب وكان لي سبب قد كنت أحسبني أحظى به وإذا دائي من السبب فما مقلم أظفاري سوى قلمي ولا كتائب أعدائي سوى كتبي وقال يصف الأسطرلاب أفضل ما استُصحب النبيل فلا تعدل به في المقام والسفر مختصر وهو إذ تفتشه عن ملح العلم غير مختصر ذو مقلة يستبين ما رمقت عن صائب للحظ صادق النظر تحمله وهو حامل فلكا لو لم يدر بالبنان لم يدر مسكنه الأرض وهو ينبئنا عن جل ما في السماء من خبر أبدعه رب فكرة بعدت في اللطف عن أن تقاس بالفكر فاستوجب الشكر والثناء له من كل ذي فطنة من البشر فهو لذي اللب شاهد عجب على اختلاف العقول والفطر وأن هذه الجسوم بائنة بقدر ما أعطيت من الصور وقال أيضاً يا مفرداً بالغنج والشكل من دل عينيك على قتلي البدر من شمس الضحى نوره والشمس من نورك تستملي وقال وقد رأى أمرد جميلاً قام من موضع وجاء أسود قعد في مكانه مضت جنة المأوى وجاءت جهنم فقد صرت أشقى بعدما كنت أنعم وقائلة ما بال مثلك خاملاً أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز فقلت لها ذنبي إلى القوم أنني لما لم يحوزوه من المجد حائز وما فاتني شيء سوى الحظ وحده وأما المعالي فهي في غرائز ولأبي الصلت أمية بن عبد العزيز من الكتب الرسالة المصرية ذكر فيها ما رآه في ديار مصر من هيئتها وآثارها ومن اجتمع بهم فيها من الأطباء والمنجمين والشعراء وغيره من أهل الأدب وألف هذه الرسالة لأبي الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس كتاب الأدوية المفردة على ترتيب الأعضاء المتشابهة الأجزاء والآلية وهو مختصر قد رتبه أحسن ترتيب كتاب الانتصار لحنين بن إسحاق علي بن رضوان في تتبعه لمسائل حنين كتاب حديقة الأدب كتاب الملح العصرية من شعراء أهل الأندلس والطارئين عليها ديوان شعره رسالة في الموسيقى كتاب في الهندسة رسالة في العمل بالأسطرلاب كتاب تقويم منطق الذهن‏.‏